لم يكتف اليهود والنصارى بادعاء أن إبراهيم وحده كان يهودياً أو نصرانياً، بل عمَّموا الدعوى حتى شملت إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهم ذُرّية إبراهيم الأدنون، وقد حكمى القرآن الأمين دعواهم هذه فقال:{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} .
هذه دعواهم ... لكن القرآن ذكرها موصولة بالرد عليها إذ قال الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
وحاصل الرد أن الله شهد لهؤلاء الأنبياء بالتوحيد والإسلام في قوله تعالى حكاية عن إبراهيم وإسماعيل:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} .
وشهادة الله حق، فهل أهل الكتاب أعلم من الله بأحوال أنبيائه ورسله، هو يقول: مسلمون، وهم يقولون: يهوداً أو نصارى؟.
وأهل الكتاب يعلمون بشهادة الله لهم بالتوحيد والإسلام ومع هذا فهم يكتمون شهادة الله فلا أحد أظلم منهم. وتاريخ اليهودية ونشأتها تبدأ بإنزال التوارة على موسى عليه السلام. ونشأة النصرانية تبدأ بإنزال الإنجيل على عيسى عليه السلام. والأنبياء السابقون على موصى وعيسى أمة منفصلة لها كسبها عند الله، واليهود والنصارى غير مسئولين عمن سبقهم من الأمم. فكيف يكون هؤلاء الأنبياء يهوداً أو نصارى؟ وما كان لليهودية والنصرانية وجود في أعصارهم؟!