البطريرك بنيامين الذي كان مختفياً هرباً من بطش الرومان، وأعطاه الأمان ليرعى شئون الأقباط دينياً في مصر.
بل إن صاحب الدعوة نفسه كان يعقد معاهدات صلح ويترك أهل البلاد على عقائدهم مهما كانت مخالفة للإسلام أصولاً وفروعاً، ولا ننس المعاهدة التي عقدها مع اليهود في المدينة عقب الهجرة مع تركهم على يهوديتهم، أحراراً في تأدية طقوسهم الدينية على مرأى ومسمع من المسلمين.
* * *
* خلاصات موجزة:
مما تقدن تتبين لما جوانب أخرى من سماحة الإسلام أبرزها جانبان:
الأول: أن مع مشروعية القتال في الإسلام لم يكن من أهدافه حمل الناس بالقوة المسلحة على اعتناق الإسلام؛ لأنه في القرآن العظيم نصاً واضحاً وصريحاً ومحكماً يمنع من هذا الهدف، وهو قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ....} .
الثاني: ومع مشروعية القتال في الإسلام فإنه يخلو - منهجاً وسيرة - من أن يكون عقاباً على الكفر الأصلي الذي ولد عليه صاحبه ونشأ فالكفر أعظم الذنوب، ومع ذلك فالأمر فيه موكول إلى الله سبحانه سعاقب عليه في الآخرة بالخلود في النار، أما في الدنيا فليس لأحد أن يعاقب صاحب الكفر الأصلي بالقتال عليه أو القتل ودم الكافر كفراً أصلياً مصون كماله وعرضه، إلا إذا حارب المسلمين أو انصم لمن يحاربهم، فيكون هو الذي أهدر دم نفسه ذلكم هو الإسلام، وتلك هي سماحته الرحيمة.