للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني ضوابط القتال في الإسلام]

القتال مشروع في الإسلام ... نعم. ما في ذلك من ريب. ولكنه قتال محفوف بقيم وضوابط حتى لا يساء استعماله كما يساء استعمال كثير من الواجبات والحقوق.

هذه الضوابط والقيم التي خُفَّ بها القتال، منها ما تولى الله - نفسه - النص عليها في كتابه العزيز، ومنها ما وضعه صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - وانتهج الخلفاء الراشدون من بعده ما أمر الله به ورسوله.

والآية التي تقدم ذكرها في الأمر الوجوبي بالقتال وهي قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} .

هذه الآية اشتملت على أربعة ضوابط للقتال المأمور به:

الأول: أن يكون القتال في سبيل الله أي لنصرة الحق لا في نزوات شخصية أو عنصرية.

الثاني: أن يكون مقصوراً على مَن من قاتلنا فعلاً أو عزم على قتالنا يقيناً أو ظناً قوياً تؤيده قرائن الأحوال الواردة عن العدو.

الثالث: أن لا يكون اعتداءً وتجاوزاً من جانبنا كقتلى الشيوخ والنساء والذُرَّية والضعفاء والرهبان المعتزلين في خلواتهم أو بيوتهم.

الرابع: الترهيب من الاعتداءً بعد النهي عنه، بأن الله لا يحب المعتدين.

وقوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي في نصرة الحق، سواء أكان هذا الحق لإعلاء كلمة الله بحماية الدين، أو كان للدفاع عن الضعفاء أو لردع الظلم في أية صورة من صوره، أو لحماية ديار الإسلام أو مقدساته، وقد أفتى الإمام مالك - رضي الله عنه - بأن من يقاتل دون ماله إذا اعتدى عليه فهو قتال في سبيل الله.

<<  <   >  >>