قد عورض بمثله - كما سيأتي - والأولى أن نحمل هذه الآية - وهي مطلقة - على النصوص القرآنية المتعددة التي شرعت القتال من أجل قتال غيرنا لنا، وحمل المطلق على المقيَّد أصل من أصول الفقه كما نعلم، وكثيراً ما عولجت به ظاهرة النصوص المتعارضة من حيث الظاهر، وكان مسلكاً محموداً للتوفيق بين النصوص الذي هو أولى من إعمال نص وتعطيل آخر.
* والخلاصة: أن هذه الآية ليس فيها دليل قطعي الدلالة على سلامة مذهب القائلين بأن العلاقة بين المسلمين وغيرهم، هي - دائماً - علاقة حرب لا سلام.
* * *
* الدليل النبوي:
أما الحديث الذي استدلوا به على لأن غير المسلمين لا يقبل منهم إلا الإسلام أو الحرب، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أِن أٌقَاتِلَ النَّاسِ حتى يَقولوا: لا إلهَ إلاَّ الله ... "
وهو حديث متفق عليه كما تقدم. فهذا الحديث - مع صحته - ليس فيه دليل للقائلين بان علاقة المسلمين بغيرهم هي الحرب لا السلام. لأنه - كما نص كثير من العلماء - خاص بمشركي العرب دون غيرهم من الناس. وهذا مذهب جمهور العلماء، وحكى بعضهم عن الإمام مالك أنه عام في كل الكفار. وسبب الاختلاف نشأ حول الجزية هل تؤخذ من أهل الكتاب وحدهم؟ هذا هو صريح ما ورد في القرآن الكريم في آية التوبة:{مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} وألحقت السنة بهم المجوس حيث ورد في شأنهم: "سنوا فيهم سُنَّة أهل الكتاب" يعني: أن قتال أهل الكتاب والمجوس ينتهي إذا صالحوا على الجزية. أما غيرهم فلا يقبل منهم إلا الإسلام، فإن أبوا استمر