للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القضية الأولى: قضية التوحيد]

قضية التوحيد هي المحور الأساسي الذي ركزت عليه الدعوة القرآنية قبل الهجرة، وكان لابد من ذلك في بدء المواجهة، لأن القوم في مكة، كانوا وثنيين يعبدون الأصنام والأوثان آلهة من دون الله، وقد زين لهم الشيطان سوء عملهم فرأوه حسناً.

وحينما واجه القرآن هذه الظاهرة طوَّقها من كل جهة، ولم يدع وسيلة من وسائل الإقناع السلمي إلا وقد استثمرها في خطاب لاقوم، ونصب لها من الدلائل والبراهين ما هو كفيل بتحقيق الإيمان بالله الخالق البارئ، المبدئ المعيد، لولا العناد والمكابرة والعزة بالإثم، وهي رواسب شيطانية حجبت عن القوم المبادرة إلى الهدى طوال المدة التي قضاها صاحب الدعوة - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم من بدء الوحي حتى الهجرة المباركة إلى مدينة يثرب على مدى ثلاثة عشر عاماً.

فقد دعاهم للنظر والتأمل في الكون: سمائه وأرضه وبحاره وما بين الأرض والسماء، ولفت أنظارهم لعجائب خلقه في الحيوان والنبات، وفي أنفسهم، وضرب لهم الأمثال الكاشفة، وساق لهم القصص الصادق، وجادل وحاور، وبشَّر وأنذر، ووعد وأوعد، وكشف لهم الحقائق ناصعة جلية، وأزال ما يعتلق في أنفسهم من شبهات في أساليب من القول واضحة، وأفانين من البيان مؤثرة في غير التواء ولا غموض، ليحيا مَن حيَّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينه، ما ربك بظلام للعبيد,

والحديث عن كل ذلك طويل وطويل. فلنأخذ بذكر ما قلَّ ودَلَّ.

* * *

<<  <   >  >>