ثم ساق القرآن عظة وعبرة من عبر التاريخ وعظاته على لسان أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام. وفيها يقول القرآن الأمين: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ} .
سألهم إبراهيم ساخراً منهم ومن تماثيلهم عما هم فيه من ضلال، فما كان جوابهم إلا التقليد الأعمى لآبائهم. فكرَّ عليخم إبراهيم كَرَّة أخرى مسفهاً لهم ولآبائهم فقال لهم:{لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} .
فأجابهم بغير ما ينتظرون ألاعب هو أم جاد. بل صار بهم إلى حقيقة التوحيد مباشرة:{قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} .
ثم تحداهم عَيَاناً جهاراً في أسلوب قَسَمى هادر:{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} هكذا يقف إبراهيم عليه السلام أُمَّة وحده حزب الشيطان ويخاطبهم علانية بأنه سيكيد آلهتهم، ثم ينفذ عزمه في قوة وإصرار:{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} .
لقد حَطَّم أصنامهم وأحالها إلى أنقاض دارسة إلا صنماً واحداً علَّق الفأس الذي حطَّم به بقية الأصنام في عنقه نكاية فيهم وسخرية بهم.