المدة التي أسلم فيها حمزة وعمر - رضي الله عنهما - فازدادت الدعوة بهما قوة وحصانة. لذلك صممت قريش على تعديل في خطة المواجهة بإدخال وسائل أخرى أشد وقعاً، وأكثر عنفاً فاتخذت في سبيل ذلك ما يأتي:
* التعذيب البدني والاضطهاد:
اتخذت قريش قرارها الإنتقامي بتعذيب صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الأولين، وكان هذا القرار صادراً عن تشاور بينهم من خلال مجلس كُوَن من خمسة وعشرين عضواً من سادات قريش يرأسه أبو لهب عم رسول الله، فقرروا أن لا تألوا قريش جهداً في محاربة رسول الله وإيذاء أتباعه وتعذيب الداخلين في الإسلام والتعرض لهم بألوان من النكال والإيلام.
ثم مضوا في تنفيذ ذلك القرار. فأما صاحب الرسالة فلم يجرأول أن ينالوا منه شراً لمهابته وقوة شخصيته، ولأن الله كان يؤيده بالخوارق كلما هم أحد منهم لينال منه، وكان من أشد الناس إيذاء له جيرانه من المشركين، منهم أبو لهب، وامرأته، وعقبة بن أبي معيط، وعدى بن حمراء الثقفى، وابن الأصداء الهذيل، والَحَكم بن العاص وماتوا كلهم على الكفر إلا الحَكَم فقد أسلم، وكل ما ناله منه هؤلاء أمور خفيفة ليس لها وزن.
أما الداخلون في الإسلام من الرعيل الأول فقد أوقعوا بهم أذى فظيعاً، وعذَّبوهم - بدنياً - تعذيباً شنيعاً، وآلموهم إيلاماً موجعاً، وفي كتب السيرة وقائع من هذا القبيل. كما حدث لبلال - رضي الله عنه - وكان مولى لأمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلاً. ثم يأمر الغلمان بتعذيبه وجره على الأرض. ثم يضربه بالعصا أو يلقيه في الرمضاء عاري البطن والظهر ويضع على ظهره صخرة لئلا يتحرك، أو يضع الصخرة على صدره ثم يقول: لا تزال على هذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى؟ فيقول بلال في عزم وقوة: أُحُد. أُحُد. لاهجاً بكلمة التوحيد.