إن النصر والتمكين في الأرض من أجل النعم على المسلمين بعد الإيمان بالله. وشكر هذه النعم يكون بطاعة الله ورسوله لا بالسعي في الأرض فساداً، والطغيان على عباد الله، هكذا وجه القرآن المسلمين.
وفي هذا الإطار المحكم من التوجيه الإسلامي الخُلُقي جرت معارك المسلمين مع أعدائهم في صدر الإسلام، ويمكن تقسيم تلك المعارك والغزوات قسمين:
* غزوات كان سببها الدفاع عن حرمات الله وحقوق المسلمين كغزوتى أحدُ والأحزاب، ومن قبلهما غزوة بدر الكبرى، إذ كلن الهدف لقريش وحلفائها من هذه الغزوات هو مداهمة المسلمين في مقرهم الجديد (المدينة) والقضاء عليهم وعلى الإسلام معاً.
* وغزوات كان سببها تبليغ الدعوة كغزوات الفرس والروم والمناطق الخاضعة لهما.
وفي هذه الغزوات كان القتال هو اختيار العدو لا المسلمين، كما هو معروف من منهج الدعوة:
* عرض الإسلام أولاً.
* فإن أبَوْا خُيَّرا بين دفع الجزية وبمقتضاها يُعقَد معهم عهد أمان يصبحون في ظله لهم ما للمسلمين مع حماية المسلمين لهم والدفاع عنهم ضد أي خطر، فإن أبَوْا أعلمهم المسلمون أنه لم يبق إلا القتال، ولم يحدث في الصدر الأول للإسلام أن فرض المسلمون القتال على قوم اختاروا الصلح مع المسلمين، مع بقائهم على عقائدهم الدينية، فالقتال الذي وقع بين الفرس والروم وبين المسلمين كان اختيار الفرس والروم وليس اختيار المسلمين.
ولما وقع اختلاف في منج الدعوة في فتح سمرقند، حيث لم يخير القائد المسلم أهل سمرقند بين الصلح - يشرطه - وبين القتال، ودهم ديارهم تقدم أهل سمرقند إلى عمر بن عبد العزيز بشكوى مما حدث لهم من الفاتحين المسلمين. فأمر عمر بن عبد العزيز بتنصيب قاضي "طوارئ" من المسلمين لينظر في شكوى القوم، فقضى بما يأتي: