[الظاهرة الثانية مواقف الدعوة السلمية من النفاق والمنافقين]
النفاق مرض اجتماعي خطير، وسرطان يمزق العلاقات بين الشعوب والأفراد، ونتيجته في الحياة فقدان الثقة، وإحلال سوء الظن مكان حسن الظن بين الناس، وهو أخس وسائل التعامل في المجتمعات.
والمنافقون شياطين الإنس بلا نزاع، وقدوة سيئة لغيرهم من الناس، والنفاق مأخوذ من نافقاء اليربوع، وهي دويبة ماكرة لئيمةٌ: تجعل لبيتها، وهو حفرة في الأرض - بابين: أمامياً وخلفياً. فإذا طلبها الصياد هرولت فدخلت بيتها من أحد بابيه، فيقف الصياد قريباً من الباب الذي دخلت منه مترقباً خروجها، بينهما تكون قد خرجت من الباب الآخر دون أن يبصرها أحد، خداعاً ودهاءً ومكراً.
وهكذا المنافقون يتلاعبون في تعاملهم من الناس، ويتخذون عدة مداخل ومخارج للوثوب والهروب، يلاقون هذا بوجه، وذاك بوجه يحلفون وهم كاذبون، يضحكون وهم يمكرون. كلامهم حلو، وفعلهم علقم وصاب، يعرفون من أين تؤكل الكتف، وكيف تؤكل، ولا وزن عندهم للشرف ومكارم الأخلاق ... وبواعث النفاق هي: الطمع والخوف، وسمته هي الخسة والدناءة.
* * *
[قسما النفاق]
والنفاق قسمان: نفاق عقيدة، وصاحبهُ يبطن الكفر ويُظهر الإيمان، ونفاق سلوك، ويكون بين المسلمين دون غيرهم. كأن يعمل المسلم الأعمال الصالحة ولا يريد بها وجه الله، ولكن ليقول الناس إن فلاناً رجل صالح، وقد يتخذ نفاق السلوك مطية لتحقيق مطالب دنيوية عاجلة، وهذا النوع من النفاق منتشر الآن في المجتمعات الإسلامية، ومنه التظاهر بحب إنسان: رئيس أو ذي جاه أو ذي مال أو ذي منصب.