[المبحث الثاني سماحة الدعوة في القرآن الكريم في العهد المدني]
واجهت الدعوة الإسلامية بعد الهجرة إلى المدينة ظاهرتين شديدتي الخطورة والتعقيد:
أولاهما: مزاعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى وما أثاروه من لغط وأباطيل.
والأخرى: ظاهرة النفاق والمنافقين.
وقد تصدى القرآن الحكيم لكل ظاهرة منهما بما يناسبها من الوسائل السلمية، محاوراً ومجادلاً بالتي هي أحسن، وها نحن أولاء نرتشف رشفات خفيفة من مواقف القرآن أزاء هاتين الظاهرتين، لنؤكد بأقطع الأدلة، وأسطع البراهين أن القرآن نهج في كل مواقفه مع الفريقين منهجاً سلمياً مع خطورة الشقاق الذي كان يبثه الفريقان معاً، وأنه رغم العداء الشديد الذي كان يضره أهل الكتاب والمنافقون، لم تُعْمل الدعوة فيهم رمحاً ولا سيفاً لمجرد أنهم أهل كتاب أو منافقون اللهم إلا المعاملة بالمثل إذا اعتدى منهم أحد على المسلمين ... ولنبدأ بالظاهرة الأولى منهما.