للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني سماحة الدعوة في القرآن الكريم]

في حرية الاعتقاد

المباحث الأربعة إلتي تقدمت في مواجهة القرآن لقضيتى التوحيد والبعث، وموقف القرآن الكريم من ظاهرتى مزاعم أهل الكتاب، ومخادعات النفاق والمنافقين، هذه المباحث الأربعة كانت بمثابة مقدمات تترتب عليها نتيجة بالغة الخطورة والصدق.

تلك النتيجة هي: أن الإسلام من كل ما تقدم يقرر في وضوح مبدأ حرية الاعتقاد، وأنه بعيد بُعْد السماء عن الأرض من فرض عقيدته على الناس بقوة السلاح، وسفك الدماء، وأنه لا يصادر حرية أحد، ولا يحجر عليه في قول أو فعل. كل ما هنالك أنه يتصدى للباطل في أي لون كان، ويكشف عوره، ويبين زيفه ويدعو إلى الق في أي مجال كان، فيذيل ما حوله من شبهات ويجليه للرأي العام أبلق ناصعاً، ثم يترك للناس حرية الإقبال عليه أو الإعراض عنه مع تبشير المؤمنين بحسن البمصير، وإنذار الرافضين بسوء المصير. هذا هو ما نتج عن المباحث الأربعة وكل نماذجها كانت آيات قرآنية من كتاب الله العزيز، والقرآن هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي بلا نزاع.

أما في الفصل فنريد أن نورد شواهد وبراهين أخرى من آيات الكتاب العزيز على تقرير مبدأ حرية الإعتقاد في القرآن الكريم مع ضوابط لابد منها تتعلق بهذا المبدأ الحيوي العظيم حتى لا يلتبس الحق بالباطل، ويصير من كفر كمن آمن مبداءاً ومصيراً.

ذلك أننا حين نقول إن كتاب الإسلام الأول (القرآن) أقر مبدأ حرية الإعتقاد، فإن هذا القول صحيح ... صحيح. ولكن هذه الحرية مقصورة على الحياة الدنيا، أما في الآخرة فإن الحال مختلفة فلن يجعل الله من كفر كمن آمن، فلكل منهما عند الله جزاء وفاق، ومصير عادل.

ولك أن تقول -وانت مصيب - إن تقرير مبدأ الاعتقاد في الدنيا. إنما هو بالنظر إلى سلطة الناس بعضهم على بعض فليس من حق أحد حاكماً كان أو محكوماً أن يجبر

<<  <   >  >>