للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أنصف المظلوم دون أن يتقم إليه المظلوم بطلب الإنصاف، وصحح الأخطاء التي وقع فيها جنوده من تلقاء نفسه.

فأي سماحة هذه؟ وأي إنصاف هذا الإنصاف؟ وليس هذا بغريب على من أرسله الله رحمة للعالمين.

* * *

* مرحلة الأمر الوجوبي:

في مرحلة الإذن بالقتال لم يكن القتال واجباً على المسلمين، لأن الإذن معناه رفعُ الحظر، ورفع الحظر يترتب عليه الإباحة لا الوجوب، وهكذا استمر الحال قرابة عامين بعد الهجرة.

وفي شهر شعبان سنة ٢ هـ نزل الأمر بالوجوب أي قبيل غزوة بدر الكبرى أولى الغزوات العظيمة في الإسلام. وذلك في قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ... وبهذا مرَّ شأن القتال في الإسلام بثلاث مراحل:

الأولى: مرحلة الحظر.

الثانية: مرحلة الإباحة.

الثالثة: مرحلة الوجوب.

ومجئ مرحلة الوجوب عقب مرحلة الإذن، وقبيل غزوة بدر الكبرى تشريع بالغ الحكمة.

ففي مرحلة الإذن انتقال بالنفوس من مرحلة الحظر إلى مرحلة الإباحة، وهذا الانتقال فيه ترويض للنفوس على الاستعداد للقتال، وتدرج حكيم تأنس به النفوس، وتطمئن القلوب، وتقوى العزائم، لأن الانتقال الطفري أو المفاجئ ربما أصاب الناس بالقلق والانتكاس، وإنما تكون حكمة السياسة، أو السياسة الحكيمة في الترفق والتدرج، وهكذا

<<  <   >  >>