في مواجهة القرآن لدعاوى المشركين، حيث اعتقدوا أن اصنامهم تنفع وتضر، رَكَّز لبقرآن كثيراً على تعرية الأصنام من الفائدة، فلا هي بنافعة، ولا هي بضارة، وآية الرعد التي ذكرنهاها آنفاً واحدة من آيات كثيرة مثبوثة في سور الذكر الحكيم، أسهمت في وضوح في تجريد الصنام من أي نفع أو ضر، وأخلصت في النصح لمن يدعى تلك الدعوى من مشركي قريش وأسلافهم من الأمم الغابرة، كقوم إبراهيم وهود وصالح عليهم صلوات الله وسلامه.
بدأت الآية المواجهة بأن الله له دعوة الحق، فهو - وحده - النافع والضار. وأما ما يدعونه من دونه فلا يملكون نفعاً ولا ضراً، لذلك فهم:{لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} أي وإن كان تافهاً حقيراً. وقد نفى فعل الإستجابة بحرف النفي "لا" دون لم، أو لن مثلاً، لأن النفي بـ "لا" مقصور على الماضي، وبـ "لن" موقوف على المستقبل. أما "لا" فهي للنفي في جميع الأوقات، وهو المناسب هنا: لأن الأصنام عارية عن الاستجابة في كل وقت: ماضياً، وحاضراً، مستقبلاً.
ثم يمضي القرآن قُدُماً في تيئيس المشركين من آلهتهم التي يدعونها من دونه، فيصور لهم عجز آلهتهم في صورة حسية موحية، ويكشف لهم عن ضلال عقيدتهم وسعيهم، فيصوَّرهم يرجون النفع من أصنامهم بصورة رجل كاذ يقتله الظمأ فوقف على شاطئ بحيرة وبسط كفيه في الهواء راجياً أن يصعد الماء إلة كفيه ليرفعه إلى "فمه"؟! فالماء لن يصعد من مكانه، فلت يبلغ كفيه ولن يبلغ فاه (فمه) وسيظل باسطاًكفيه محروماً ظامئاً حتى يلقى هلاكه.