للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسلم، وعسكر خالد بجيشه قريباً من معسكر المسلمين ورآهم خالد يصلون الظهر جميعاً خلف رسول الله فحدَّثته نفسه أن لو عادوا إلى الصلاة هكذا مرة أخرى أن يباغتهم وهو غافلون في الصلاة فيحصدهم حصدة واحدة، أي في صلاة العصر، فأنزل الله تشريع صلاة الخوف الذي يقضي بتقسيم الجيش قسمين، قسم يبدأ الصلاة جماعة خلف رسول الله، وقسم يقف خلفهم بالسلاح يحمونهم من إغارة العدو عليهم. ثم يسرع القسم الذي صلَّى خلف النبي أولاً فيكملون صلاتهم قبل فراغ النبي من إتمام كل الصلاة، ثم يأتون فيأخذون مكان القسم الأول من المراقبة والحراسة، ويلحق القسم الثاني فيُصلَى خلف النبي جماعة ما بقى من الصلاة، ثم يكملون صلاتهم بعد سلامه منها. وبهذا فوَّت القرآن على خالد بن الوليد فرصة الإنقضاض على المسلمين وهب في الصلاة.

{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ... } .

هذا، وقد أوفد النبي إلى قريش من يخبرها أنه جاء معتمراً ولم يجيء محارباً، فأوفدت قريش أربع وفادات الواحد تلو الآخر ليتأكد من صدق الخبر، وفي كل مرة كان يرى الوافد أن المسلمين ساقوا معهم الهَدْى وأن قصدهم العُمرة وليس القتال. ثم أوفد إليهم صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان متحدثاً رسمياً عن المسلمين بأنهم جاءوا معتمرين لا مقاتلين. وبعد جهد جهيد وافق سادات قريش دون شبابهم على عقد الصلح، فأوفدوا سهيل بن عمرو لينوب عنهم في إبرام الصلح مع المسلمين، فتكلم سهيل طويلاً مع صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم -، ثم اتفقا على بنود الصلح وهي:

* بنود صلح الحديبية:

١- الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرجع من عامه (هذا) فلا يدخل مكة. وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثاً - أي ثلاث ليال - معهم سلاح الراكب - أي السلاح الذي اعتاد

<<  <   >  >>