للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧- غزوة ذي العشيرة:

وصلت الأنباء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن عيراً لقريش خرجت إلى الشام فخرج في الجمادين سنة ٢ هـ ومعه مائة وخمسون رجلاً من المهاجرين كلهم خرج طواعية لاعتراض تلك العير، ولكنها كانت قد سبقت إلى الشام قبل التعرض لها، وقد عقد فيها معاهدات عدم اعتداء مع بني مدلج وحلفائهم وكان قد استخلف على المدينة أبا سلمى بن عبد الأسد المخزومي. واستغرق غيابه عن المدينة بعضاً من أواخر جمادى الأولى وبعضاً من أوائل جمادى الثانية.

هذه السرايا والغزوات الصغرى وقعت كلها قبل غزوة بدر الكبرى وبعد الإذن بمشروعية القتال. ولم يقع فيها قتال كما تقدم، ولكنها أدت المهام المقصودة منها بإعلان قوة المسلمين واختلاف الوضع عما كان عليه قبل الهجرة.

ومما يؤكد سماحة الإسلامأن بعض السرايا كانت إذا ارتكبت مخالفات كان عليه السلام ينصف من وقع عليه ظلم من جنوده.

ففي سرية نخلة في رجب سنة ٢ هـ التي كان أميرها عبد الله بن جحش الأسدى وقعت مخالفات لم يأذن بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ كانت المهمة التي كلف الرسول بها هذه السرية مقصورة على تقصي أخبار قريش ولم يأمرهم بقتال، وبخاصة أن السرية كانت في رجب، وهو من الأشهر الحرم التي حرَّم الله فيها القتال إلا إذا قوتل المسلمون، لكن السرية رأت عيراً لقريش تحمل مواد غذائية فهجموا عليهم وقتلوا منهم واحداً وأسروا اثنين وفرَّ رابع كان في العير، ولما قدموا المدينة بالغنائم أنكر عليهم - صلى الله عليه وسلم - ما فعلوا وقال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" ووقف التصرف في الغنائم.

ثم عاد عليه السلام فأطلق الأسيرين إلى حال سبيلهما، ثم أعطى دية المقتول إلى أولياء دمه.

هكذا تجلت سماحة الإسلام في التصرف النبيل الذي صدر عن صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>