للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهذا يقع في عقل عاقل؟ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.

إن دلائل الحق جلية، وأماراته واضحة، ولكن منكري البعث اختلط عليهم الأمر بسبب جهلهم وإعراضهم عن تأمل الأدلة، لا لعيب في مناهج الكشف والاستدلال بل لأنهم: {فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} .

ومع اكتفائنا بهذه النماذج الثلاثة، في إبطال شبهات منكري البعث، وغيرها كثير في الذكر الحكيم، نسجل هذا البيان قبل أن ننتقل إلى المبحث الثاني من سماحة الدعوة إلى الإسلام في القرآن الكريم في العهد المكي.

وخلاصة هذا البيان في إيجاز شديد: أن استعراض مواقف القرآن في هذه القضية يُسفر عن حقيقتين عظيمتى الشأن:

الأولى: أن البعث أمر يمكن عقلاً وليس مستحيلاً عقلاً كما زعم منكروه؛ لأن الإعادة أيسر في حكم العقل من الابتداء، والله الذي خلق الخلق ابتداءً، ومن العدم قادر بلا أدنى نزاع عقلي على إعادته حين يشاء.

الثانية: أن البعث من حيث تواتر الخبر الديني به واجب شرعاً لن يتخلف حسب ما هو مقدرٌ في علم الله.

ويترتب على هذا أن منكري البعث اقترفوا إثمين عظيمين:

الأول: رفضهم لدليل العقل الواضح الجلي، وبذلك حرموا أنفسهم من الاستفادة بأجل نعمة زوًّد الله بها الإنسان في تكوينه الخِلْقى.

الثاني: تكذيبهم ربهم في ما أوحى إلى رسله الأمناء في التبليغ. وبذلك كله: { ... أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} .

* * *

<<  <   >  >>