هكذا بالدليل والبرهان أبطل القرآن مزاعمهم موكلاً حسابهم إلى الله يوم يقوم الناس لرب العالمين.
* *
* إدعاؤهم أنهم أبناء الله وأحباؤه:
من الدعاوى الجوفاء التي ادعاها اليهود والنصارى لأنفسهم أنهم أبناء الله وأحباؤه. قال هذا اليهود وقاله النصارى. إذ يحكي القرآن الأمين عنهم قولهم:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} . فكيف واجه القرآن هذه الدعوى المفتراة؟
في الآية نفسها التي حكى فيها القرآن هذا الإفك عن اليهود والنصارى، أمر الله رسوله أن يرد عليهم بما يكشف زيفهم، ويزيل باطلهم:{قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} .
أي: إن كنتم أبناء الله وأحباؤه فلم يؤاخذكم بما تقترفون من المعاصي والآثام؟ ما أنتم إلا خلق كسائر البشر تجري عليكم سنن الله في خلقه: يغفر لمن يشاء منهم، ويعذب من يشاء، ولو كنتم كما تدعون لكانت لكم قداسة ترفعكم فوق البشر؟
* *
* ادعاؤهم قصر الهدى على اليهودية والنصرانية:
من مزاهم أهل الكتاب التي أثاروها في المجتمع المدني بعد الهجرة: إدعاء اليهود أن الهدى - كل الهدى - مقصور على اليهودية التي هم عليها وحدها.
وادعى النصارى مثل هذه الدعوى، وقالوا: إن الهدى وقف على النصرانية التي هم عليها وحدها.
وقد صور القرآن الحكيم هاتين الدعويين فقال حاكياً عنهم:{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا} .