فهو -من جهة - أول من سن حماية الأهداف المدنية في أثناء القتال الواجب. ثم اهتدت به النظم الدولية الحديثة، وجعلته هيئة الأمم مبدءاً من أبرز مبادئها القانونية. مع فارق كبير بين سماحة الإسلام وبين الواقع الدولي المعاصر.
فالإسلام قرره مبدأ، وطبقة عملاً، وأما الواقع الدولي المعاصر فقد أقربه به مبدأ قانونياً، وخالفه في الممارسات العملية، وخذ إليك أحدث واقعتين حديثتين: إحداهما ما قامت به أمريكا في حرب الخليج الأخيرة ضد الشعب العراقي المسلم، حيث ضربت الفنادق والمستشفيات المدنية، ودمرت الطرق المدنية ومستودعات الغذاء الشعبي، ودمرت محطات الوقود المدني والمولدات الكهربائية وخزانات المياة.... إلخ.
أما الواقعة الثانية فاعتداءات الصرب على المساجد وانتهاك حرمات الفتيات والسيدات ومنع وصول المواد الغذائية إلى معسكرات اللاجئين وفيهم كبار السن الفانون من الرجال والنساء، وصغار السن من الأطفال الرُّضَّع وغير الرضع، ولك أن تقارن بين النماذج التي تفيض سماحة ورأفة التي مصدرها الإسلام وبين هذه النهاذج الوحشية الت يمارسها الغرب الصليبي، وتساندهم فيها بقايا الشيوعية الحاقدة. ومع هذا يحلو للغرب - ساسة ومفكرين - أن يصفوا الإسلام بالإرهاب وسفك الدماء وقتل الحريات. ولن نملك إلا أن نقول لهم كما قال الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"؟
ثم هل يملك نظام من النظم القديمة أو الحديثة، أو تاريخ من التواريخ واقعة كلها عدل وسماحة كالتي أشرنا إليها من قبل من إنصاف الخليفة عمر بن عبد العزيز وقاضية المسلم لأهل سمرقند؟
أم يملك نظام ما من النظم مثل سماحة الإسلام التي عبَّر عنها أبو عبيدة حين رد لأهل الصلح كل ما أخذه منهم مقابل حمايتهم من الأخطار حين أحس بعجزه عن حمايتهم؟!
وما أصدق قول الشاعر:
حَسَدَاً بَلَّغْنَهُ في حقها وقديماً كان في الناس حسد