للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه يقول رب العزة: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} .

أي: لا يحملكم بعض قوم على ظلمهم، بل اعدلوا في كل الأحوال لا فرق بين عدو وصديق، لأن العدل من ثمار التقوى، والتزموا بتقوى الله في السر والعلن، لأن الله لا يخفي عليه من عملكم شيء.

هذا المبدأ العظيم سمة بارزة من سمات سماحة الإسلام، والقرآن قد التزم به مع أبغض الطوائف إلى الله، قبل أن يجعله أصلاً من أصول الحكم للجماعة المسلمة.

لذلك فإنك تراه مع الإنحراف الخطير الذي وقع فيه اليهود والنصارى - عقيدة وسلوكاً - يستثنى جماعات منهم، ويُثنى عليهم بكل خير، ويذكر لهم مناقبهم الفاضلة، ومحاسنهم عقيدة وسلوكاً؛ لأن الأساس في الإسلام هو الكسب الشخصي، وليس التعصب الديني أو الجنس أو اللون: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .

وفي السطور الآتية نماذج ناظقة من سماحة الإسلام من حديث القرآن عن مؤمني اليهود والنصارى، وسيرتهم النبيلة العطرة: {.... وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} .

فهم لم يكونوا كلهم فاسقين مشركين، بل منهم المؤمنون الحسنو الإيمان: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} .

<<  <   >  >>