للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد نصَّب القرآن نفسه محامياً ومدافعاً بالحق والصدق عن رجل يهودي، يؤمن إيمان اليهود، ويلغط لغطهم، ويفترى على الله ورسله كما تفتري الطائفة التي ينتمي هو إليها، ينسب لله - سبحانه - الصاحبة والولد، ويؤمن بالتاريخ الدموي لليهود حتى على أنبيائهم ورسلهم ويقول كما يقولون: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} . {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} ومع هذا يأبى الإسلام أن يقع عليه ظلم وهو برئ. فأي سماحة هذه؟ وفي أي دين أو نظام نجد لها مثيلاً.

أما الذين ترافع ضدهم القرآن - إن جاز هذا التعبير - فهم مسلمون مؤمنون موحّدون؟ يصلَّون ويصومون ويحجون. ومع هذا ترافع القرآن ضدهم، ولامهم أقسى ما يكون اللوم، ومن يراجع القصة مفصّلة في كتب التفسير يتبين له عدل وإنصاف وسماحة هذا الدين العظيم، كأخلص ما يكون العدل، وأروع ما يكون الإنصاف، وأسمح ما تكون السماحة. فليرنا الذين يصفون الإسلام أنه دين الإرهاب والعنف وسفك الدماء، ومصادرة الحريات ليرنا هؤلاء سماحة تدنو من سماحة الإسلام، وعدلاً يقارب عدل الإسلام، وإنصافاً يضارع إنصاف الإسلام؟

هذا هو ديننا المنزَّل بعلم الله، المحفوظ بقدرة الله. فهل عند الخصوم بضاعة كبضاعتنا؟ ألا فلينثروا ما في كنانتهم إن كان لهم كنانة، وفيها نبال وسهام.

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور} .

{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .

* * *

<<  <   >  >>