للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن وجود قرينة على عدم السماع أقوى في نفي السماع من عدم وجودها، وكلما كثرت القرائن ازداد النفي قوة، لا يجادل في ذلك أحد، فعدم وجود قرينة على النفي مع إمكان السماع لا يكفي لإثبات السماع، وحينئذٍ فعملهم هذا من باب تأكيد حكم ثابت، ويجلي هذا بوضوح نصوص عن النقاد في هذا.

فمن ذلك ما تقدم عن أبي حاتم في إدخال واسطة بين سعيد بن يزيد، والنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد تأكد بها أن لا صحبة له، لكن قبل الوقوف عليها لم تثبت له صحبة بمجرد ذلك، ولهذا قال أبو حاتم: "كنا لا ندري له صحبة أم لا " (١).

وقال ابن الجنيد: "قلت ليحيى بن معين: تعلم محمد بن سيرين يدخل بينه وبين عقبة بن أوس أحداً، أو عقبة بن أوس يدخل بينه وبين عبدالله بن عمرو أحداً؟ فقال: لا أعلمه، وعقبة بن أوس يقال له أيضاً: يعقوب بن أوس، قال ابن الغلابي: يزعمون أن عقبة بن أوس السدوسي لم يسمع من عبدالله بن عمرو، إنما يقول: قال عبدالله بن عمرو" (٢).

فنلاحظ في هذا النص البحث عن قرينة تدل على عدم السماع، فكان السؤال عن أشهر قرينة في ذلك، وهي إدخال راو بين راويين، وعدم الوقوف عليها لم يغير من الحكم شيئاً، وهو عدم السماع.

ومثل هذا النص قول أحمد حين سئل: هل سمع حميد بن هلال من هشام


(١). "المراسيل " ص ٦٨.
(٢). "سؤالات ابن الجنيد" ص ٣١٨، والقائل: قال ابن الغلابي - هو ابن الجنيد، واسم ابن الغلابي المفضل بن غسان، وهو أحد تلاميذ ابن معين.

<<  <   >  >>