التدليس كله، والذي يظهر أن حال أصحابهما واحد في الجملة، وهو البحث والتفتيش عن سماعهم من قبل الأئمة، وضرورة تصريحهم بالتحديث.
الأمر الثاني: تقدم في (الجرح والتعديل) ما يعرف بالتوثيق المقيد، والتضعيف المقيد، أي أن يكون الراوي قوياً في بعض شيوخه، ضعيفاً فيمن عداهم، أو عكس ذلك بأن يكون ضعيفاً في بعض شيوخه، قوياً فيمن عداهم، ومثله أن يكون في بعض شيوخه أقوى منه في بعضهم الآخر، وإن كان في الجميع قوياً، أو أضعف في بعض شيوخه وإن كان في الجميع ضعيفاً.
ويأتي في التدليس ما يشبهه، وذلك في صورتين:
الصورة الأولى: أن يكون المدلس مكثراً من الرواية عن شيخ له كثرة ظاهرة، ثم يأتي عنه أنه دلس عنه، فقاعدة القلة والكثرة يمكن تطبيقها عليه حينئذٍ، وتكون روايته عنه محمولة على الاتصال أبداً حتى يتبين في حديث معين أنه دلَّسه عنه، وليس هذا بترك للقول المرجح، بل هو موافق له، فالمدلس في شيخه هذا قليل التدليس، لكثرة ما روى عنه في الأصل.
وقد نص على هذا الأئمة، قال الحميدي: "وإن كان رجل معروفاً بصحبة رجل والسماع منه، مثل ابن جريج عن عطاء، أو هشام بن عروة عن أبيه، وعمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، ومن كان مثل هؤلاء في ثقتهم ممن يكون الغالب عليه السماع ممن حدث عنه، فأدرك عليه أنه أدخل بينه وبين من حدَّث رجلاً غير مسمى، أو أسقطه ـ ترك ذلك الحديث الذي أدرك عليه فيه أنه لم يسمعه، ولم يضره ذلك في غيره، حتى يدرك عليه مثل ما أدرك عليه في هذا،