للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التدليس فيه، وإن لم يكن في رواته من وقف عليه أنه رمي بالتدليس، ولا غرابة في ذلك، فكما منع الباحث من الطعن في الإسناد بالتدليس ـ مع وجود مدلس فيه، كأن يكون نادر التدليس، والمتن والإسناد لا نكارة فيهما، ونحو ذلك ـ يطالب الباحث بالتضعيف بالتدليس، وإن لم يكن فيه مدلساً، متى ألجأت الضرورة لذلك.

والباحث إذا صنع ذلك إنما يقتدي بأئمة النقد، فقد فعلوا ذلك كثيراً.

فمن أمثلة تعليل النقاد بالتدليس والراوي لم يوصف بذلك أن النقاد ضعفوا رواية معمر بن راشد، عن ثابت البناني، وأشاروا إلى أن فيها غرائب مناكير، وتقدمت نصوصهم فيها في الفصل الثاني من "الجرح والتعديل".

وسئل أحمد عن حديث منها، وهو ما رواه معمر، عن أبان، وثابت وغير واحد، عن أنس مرفوعاً: "لا شغار في الإسلام" (١)، فقال: "هذا عمل أبان - يعني أنه حديث أبان -، وإنما معمر - يعني لعله دلسه -" (٢).

ومراد أحمد أن الحديث يرويه معمر عن أبان، وهو حديثه، وهو متروك الحديث، وأما روايته للحديث عن ثابت فالظاهر أنه لم يسمعه منه، وإنما دلسه عنه.

وقال البرذعي: "قال لي أبو زرعة: خالد بن يزيد المصري، وسعيد بن أبي هلال صدوقان، وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما، قال أبو حاتم: أخاف أن يكون بعضها مراسيل، عن ابن أبي فروة، وابن سمعان " (٣).


(١). "مسند أحمد" ٣: ١٦٥، و"مصنف عبدالرزاق" حديث (١٠٤٣٤).
(٢). "شرح علل الترمذي" ٢: ٨٦٥.
(٣). "أسئلة البرذعي لأبي زرعة" ص ٣٦١، و"شرح علل الترمذي" ٢: ٨٦٧، وفيه: "وقال لي أبو حاتم".

<<  <   >  >>