للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالانقطاع (١).

والذي ظهر لي أنها تستخدم بدلاً عن الصيغ الصريحة في الانقطاع مع المدلس ومع غيره، وقد تقدم في الأمثلة آنفاً ما يوضح ذلك، ويأتي له أمثلة تطبيقية في أماكن أخرى من هذا الكتاب.

بل إنها تستخدم مع إسقاط راو في وسط الإسناد، ثم تجعل الرواية بين من دونه ومن فوقه بـ (عن)، سواء كان بقصد التدليس، كما يفعله من يدلس تدليس التسوية، وسيأتي هذا بأمثلته، أو بغير قصد التدليس، كما يفعله مالك وغيره (٢).

قال الجياني بعد أن تكلم على حديث أسقط فيه وهب بن جرير بن حازم أحد رواته، وربما ذكره: " وإنما كان يسقطه وهب بن جرير بن حازم في بعض الأحايين، ويسوقه معنعناً: على طريق التخفيف، وتقريب الإسناد، أو تزيينه" (٣).

وسيأتي في المبحث الثاني أنها تستخدم بغير قصد الرواية، فليست مبدلة عن صيغة أداء أصلاً.

فالخلاصة أن من قال: إن الرواة لا يبدلون (عن) إلا من صيغ صريحة في الاتصال، أو محتملة - لم يحرر قوله هذا جيداً، والله أعلم.

ولما كانت هذه الصيغ محتملة للسماع وعدمه فقد شدد بعض الأئمة، فرأوا أن لا يقبل إلا ما فيه تصريح بالتحديث، وقد حكى هذا المذهب الحارث


(١). "التنكيل" ١: ٨٢، ٢٢٧ - ٢٢٩.
(٢). "النكت على كتاب ابن الصلاح" ٢: ٦١٨ - ٦٢١.
(٣). "تقييد المهمل" ٢: ٦٥٥.

<<  <   >  >>