للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

التدليس والنص على السماع أو نفيه

تقدم في المبحث الأول أن الباحث حين نظره في رواية معينة لمدلِّس إنما يفعل هذا بعد ثبوت سماع ذلك الراوي ممن روى عنه، فإذا لم يثبت فالمسألة حينئذٍ تحولت إلى إثبات أصل السماع، فلا فائدة حينئذ من البحث في التدليس في الرواية المعينة، إذ السماع لم يثبت أصلاً.

وهذا أمر ظاهر، والغرض من التذكير به هنا هو أن البحث في السماع بابه واحد، فمتى وقفنا على نص من المدلِّس أنه سمع ذلك الحديث المعين من شيخه، أو تلك الأحاديث، أو نص على عدم السماع - خرج الأمر عن موضوع التدليس، فيجزم هنا بأن الراوي قد سمع، إن كان النص على السماع، أو أنه لم يسمع، إن كان النص على عدم السماع.

ومثل ذلك يقال فيما لو جاء النص على السماع أو عدمه من النقاد، فالواجب الوقوف مع كلامهم، وكذلك إذا جاء من واحد منهم ولم نقف على معارض له.

والأئمة النقاد كما اشتغلوا بالبحث في أصل سماع الراوي ممن يروي عنه، اشتغلوا كذلك في الأحاديث نفسها، وتمييز ما سمعه الراوي مما لم يسمعه، وبذلوا في سبيل ذلك جهداً كبيراً، لا يقل عما بذلوه في البحث عن أصل سماع الراوي ممن روى عنه.

وقد رأيت من الباحثين تقصيراً واضحاً في هذا الجانب، ولذا أفردت الموضوع بمبحث خاص به، وسأذكر الآن بعض نصوص الرواة فيما سمعوه أو

<<  <   >  >>