لا يختلف اثنان على أن مقدمة مسلم ل-"صحيحه" تعتبر من أوائل ما دون في علوم الحديث وقواعده، فقد خالف نهج من سبقه من الأئمة الذين ألفوا في السنة النبوية، فوضع لكتابه مقدمة ضافية، كتبها بأسلوب أدبي بليغ، تطرق فيها لموضوعات متعددة، مثل سبب تأليفه للكتاب، وضرورة تنقية الأحاديث التي تلقى إلى العامة، والإسناد المعنعن، وجواز جرح الرواة، وشرطه في كتابه، وغير ذلك.
غير أن كلام مسلم - رحمه الله - عن بعض هذه الموضوعات أثار إشكالاً واسعاً، وجدلاً عريضاً، عند من جاء بعده، في بعض الموضوعات التي تعرض لها، ومن هذه الموضوعات: الإسناد المعنعن، وعلى التحديد كما يصوره مسلم بقوله:"كل إسناد لحديث فيه: فلان عن فلان، وقد أحاط العلم بأنهما كانا في عصر واحد، وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي عمن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به، غير أنه لا نعلم منه سماعاً، ولم نجد في شيء من الروايات أنهما التقيا قط، أو تشافها بحديث"(١).
ثم ذكر أن هناك من ذهب إلى أن الحكم بأن الرواية بينهما منقطعة والحالة هذه، ولم يسم من ذهب إلى ذلك، لكنه حمل عليه حملة عنيفة، ونسبه إلى اختراع