للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقرب هذه الأقسام إلى الصواب هو الأول منها، وأبعدها - بلا تردد - هو الأخير منها، فلا ذكر للقرائن في كلام مسلم، ومذهب جمهور النقاد واضح لا خفاء فيه، وهو اشتراط العلم بالسماع والتصريح بالتحديث، وسأكتفي هنا بذكر ما يثبت ذلك من نصوصهم، والجواب عما يعترض به على الاستدلال بهذه النصوص، فإن بحث المسألة من جميع جوانبها لا يحتمله هذا الموضع، وكنت قد بحثت ذلك في رسالة خاصة بعنوان: "اشتراط العلم بالسماع في الإسناد المعنعن" (١)،

وأقتطع منها هنا ما يتعلق بالنصوص التي أشرت إليها، وهي تنقسم في الجملة إلى أربعة أقسام:


(١). هذه الرسالة مضمونها الاستدلال على أن جمهور الأئمة يشترطون ورود التصريح بالتحديث لإثبات السماع، ومسلماً يكتفي بالمعاصرة وإمكان اللقي، ومناقشة من ذهب من الباحثين إلى أن مسلماً يعمل القرائن في إثبات السماع، والأئمة كذلك اعتمادهم على القرائن، لا على التصريح بالتحديث، وكذلك من ذهب منهم إلى أن مسلماً لا يعمل القرائن، ويكتفي بإمكان اللقي، فهذا وجه الفرق بين مذهبه ومذهب الجمهور، فالجمهور وإن كانوا لا يشترطون التصريح بالتحديث فهم ينظرون في قرائن إثبات السماع أو نفيه، وكذلك من ذهب منهم إلى أن أئمة النقد - غير مسلم - يشترطون ثبوت التصريح بالتحديث وإن كان بعضهم
- كابن المديني والبخاري - ربما أثبتوا السماع بدون التصريح إذا كانت القرائن قوية جداً، وهذا في أمثلة معدودة، وقد ناقشت في هذه الرسالة جميع ما أوردوه من أدلة ونصوص، وكانت المناقشة أشد مع بعض الإخوة الباحثين الذين خرجوا في استدلالهم ومناقشتهم لأدلة مخالفهم عن المنهج العلمي الصحيح في النظر والاستدلال، فجاءت الرسالة طويلة في نحو ثلاثمائة صفحة، ثم ظهر لي - بمشورة بعض الإخوة الفضلاء - أنه من غير المناسب نشرها - في الوقت الحاضر على الأقل - مخافة أن توضع في غير موضعها، ويؤول الغرض منها بغير تأويله، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

<<  <   >  >>