لكنه في هذا الحديث بعينه نزل عن درجة الثقة فتبين أن حديثه ضعيف، وهذا يكثر في الأسانيد الحسنة، وكذلك يوجد في الأسانيد الصحيحة.
عكس ذلك أن يحكم على الإسناد بالضعف ويسكت فيقول: إسناده ضعيف، وقد تبين من خلال طرق أخرى أن الحديث صحيح أو حسن، وإن كان الإشكال الأهم هو في الأمر الأول، وهو في ما إذا حكم على الإسناد بالقوة ثم تبين غير ذلك.
وهذا التوسع في هذا الباب ـ وهو الحكم الجازم على الأسانيد مفردة ـ أرى أنه من الخطورة بمكان، وذلك من عدة أوجه:
١ - أن فيه إيهاماً، لأنه ليس كل القراء يعرفون أن الباحث إذا قال: إسناده صحيح، فهو حكم منه على الإسناد، وأنه توافر فيه عدالة الرواة وضبطهم واتصال الإسناد، فالعامي والقارئ غير المتخصص لا يخالطه شك أنه إذا قيل: إسناده صحيح ـ فهذا يعني صحة الحديث، وهذا فيه إيهام، ويخشى على صاحبه من الإثم إذا كان يعرف أن لهذا الإسناد علة وسكت عنها، وهو يظن أنه قد ألقى عن نفسه العهدة بناءً على أن الأئمة يصنعون مثل هذا، والخوف من الوقوع في الإثم يزداد إذا كان الحديث يوافق هوى في نفس الباحث، فقد يكون الحديث يستدل به لمذهبه، أو لرأي يقول به، أو يزين بحثه ومقاله بهذا الحديث، فلا يريد أن يضعفه، فيلجأ إلى الحكم على الإسناد المفرد، أما إذا لم يستكمل البحث لعدم قدرته أو لاستعجاله كما يفعله كثير من الأئمة ـ فهذا أخف الأمرين، وإن كان ينبغي سد الباب، فأما إذا عرف الباحث أن الإسناد فيه علة وسكت عنها، أو عرف أن الحديث صحيح وقال: إن الإسناد ضعيف، وهو يعرف أن له متابعات وليس الاعتماد على هذا الإسناد، فهذا هو الذي يخشى