للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك الأحاديث بأنها غير متصلة بموجب لطرحها، فقد تعضد غيرها، ويعضدها غيرها، ويحتج بها مع أدلة أخرى، وقد يحتج بها استقلالاً من يرى العمل بما فيه ضعف غير شديد إذا لم يكن في الباب ما يدفعه، أو لسبب آخر.

ومن هذا الباب قول أبي داود وهو يصف "سننه": "وإن من الأحاديث في كتابي "السنن" ما ليس بمتصل، وهو مرسل ومدلَّس، وهو - إذا لم توجد الصحاح - عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل، وهو مثل الحسن، عن جابر، والحسن، عن أبي هريرة، والحكم، عن مقسم " (١).

وقد ذكر أبو زرعة حديث حفص بن غياث، عن محمد بن قيس، عن حبيب بن أبي ثابت قال: "كان عمر لا يجيز نكاحاً في عام سنة - يعني مجاعة -"، قيل لأبي زرعة: ما ترى في هذا؟ قال: "هو مرسل، ولكن عن عمر، أهاب أن أرد قوله" (٢).

وقد مر بنا في الفصل الثاني من "الجرح والتعديل" مراتب الجرح والتعديل، وتبين من عرضها أن درجات الأحاديث تختلف بحسب اختلاف درجات رواتها، ومثل هذا يقال في شرط (الاتصال)، فما حكم له بالاتصال هو على درجات، وما حكم عليه بالانقطاع فهو على درجات أيضاً، وإن كان الأئمة لم ينصوا على درجات للاتصال والانقطاع، لكن يمكن للباحث أن يتلمس هذا من صنيعهم وتطبيقهم.


(١). " رسالة أبي داود إلى أهل مكة" ص ٣٠.
(٢). "المراسيل" ص ٢٩.

<<  <   >  >>