للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

بعد فراغ الباحث من دراسة سماع الراوي ممن فوقه فإنه سيحكم بالانقطاع إن لم يثبت السماع، فإن ثبت السماع فيبقى عليه البحث في أمر آخر قبل أن يحكم بالاتصال، وهو سماعه لذلك الحديث بعينه، فإن بعض الرواة وإن كان قد سمع من شيخه إلا أنه يروي عنه شيئاً لم يسمعه منه، ويسقط الواسطة بينه وبين شيخه، يفعل ذلك - في الغالب - على سبيل التدليس.

وقد بذل أئمة الحديث ونقاده جهوداً مضنية في مكافحة التدليس بأنواعه والكشف عنه، تمثلت مكافحته في الغارة العنيفة التي شنها عليه أئمة فضلاء، كشعبة بن الحجاج، وله في ذلك كلمات مأثورة، مثل قوله: "التدليس أخو الكذب " (١).

وقوله: "هو أشد من الزنا، ولأن أسقط من السماء أحب إليّ من أن أدلس" (٢).

وقوله: " لأن أقع من فوق هذا القصر - لدار حياله - على رأسي، أحب إلي من أن أقول لكم: قال فلان - لرجل ترون أنه قد سمعت ذاك منه - ولم أسمعه " (٣).


(١) "الكامل" ١: ٤٧، و"حلية الأولياء" ٩: ١٠٧، و"الكفاية" ص ٣٥٥.
(٢) "الكفاية" ص ٣٥٦، و"التمهيد" ١: ١٦، و"سير أعلام النبلاء" ٧: ٢١٠، ٢١٦، ٢٢٠.
(٣) "الجرح والتعديل" ١: ١٧٤، وانظر: "الكامل" ١: ٨١، و"التمهيد" ١: ١٦.

<<  <   >  >>