وفوق القرائن العامة التي تقدمت قد يجد الناظر في الحالة المعينة التي يبحث فيها ما يعين على ترجيح السماع أو عدمه، فهذا لا يمكن حصره، وقد يكون بعضها من الدقة بحيث لا يقوم به إلا أئمة النقد.
وأعيد هنا ما تقدم ذكره من أن هذه القرائن واستخدامها في الإدراك والسماع لا يمكن فصلها عن التصريح بالتحديث، هل ورد عن الراوي أو لم يرد؟ وإذا كان قد ورد فهل يثبت عنه أولا؟ والناقد يستخدم دلائل النفي مع عدم ورود التصريح بالتحديث عنده لتأكيد الانقطاع، وتنبيهاً للناظر أن يتريث في حال وقوفه على تصريح، وقد يستخدمها مع ورود التصريح عنده ليدلل بذلك على أنه لا يثبت.
ويستخدم دلائل الإثبات مع ورود التصريح بالتحديث وثبوته عنده لتأكيد هذا الثبوت، كما يستخدمها وإن لم يقف على تصريح بالتحديث، وليس الغرض حينئذ إثبات السماع، وإنما الغرض تقريبه للناظر، فكأن الناقد يقول: في حال ورود السماع فالقرائن تؤيد ذلك.
وأعيد أيضاً ما أشرت إليه سابقاً، وهو أن جمع هذه الدلائل وإبرازها للباحث ليس المقصود به أن يعيد النظر في أحكام الأئمة، فما حكموا فيه قد انتهى، والحكم حكمهم، وإن بدا للباحث خلاف ذلك، وإنما يستفيد منها