للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقلين من التدليس، يقول البخاري: "لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، ولا عن سلمة بن كهيل، ولا عن منصور ـ وذكر مشايخ كثيرة ـ لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليساً، ما أقلَّ تدليسه" (١)، ولعل المراد بقلة تدليسه مقارنة بكثرة مروياته، فإنه واسع الرواية جداً.

وما أجاب به ابن المديني هو المفهوم من كلام للحميدي ذكر فيه أن من أكثر الرواية عن شخص وعرف به فإنما يترك من حديثه ما عرفنا أنه أسقط الواسطة بينه وبينه، وما عدا ذلك فمحمول على السماع، وسيأتي نقله بنصه،

وهو يدل على أن الأصل في رواية من عرف بالتدليس أنه لابد من تصريحه بالتحديث.

ويمكن أن ينسب هذا القول إلى يحيى بن معين، بناء على تفسير عبارته السابقة في القولين الأولين: "ولا يكون ـ يعني المدلس ـ حجة فيما دلس فيه"، وأن مراده: لا يكون حجة فيما رواه بصيغة محتملة، وليس مراده ما تبين فيه تدليسه، مع مراعاة أن يكون المقصود بالمدلس من عرف بهذا الوصف واشتهر به، لا من دلَّس نادراً، وليس هذا الفهم لعبارة ابن معين ببعيد.

ومثل ذلك كلمة أحمد في حق هشيم بن بشير، قال مهنا: " سألت أحمد عن هشيم، فقال: ثقة إذا لم يدلس، فقلت له: والتدليس عيب هو؟ قال: نعم" (٢).


(١) "العلل الكبير" ٢: ٩٦٦.
(٢). " طبقات الحنابلة " ١: ٣٤٨.

<<  <   >  >>