للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونفى أحمد أن يكون عمار الدهني قد سمع من سعيد بن جبير شيئاً (١)، وقد جاء النفي عن عمار نفسه، قال أبو بكر بن عياش: " مَرَّ بي عمار الدهني فدعوته، فقلت: سمعت من سعيد بن جبير؟ قال: لا، قلت: فاذهب " (٢).

فمثل هذا يدل على أنهم إنما ينفون السماع حين يرد النفي، ولا كلام في ذلك، فإن محل النزاع فيما إذا لم يرد ذلك.

والجواب أن ما ذكره المعترض قد يتهيأ في بعض النصوص، لكنه لا يتهيأ فيها كلها، كما في النص السابق عن ابن معين في عبيدالله بن أبي يزيد مع أبي لبابة، فلم يثبت السماع لكونه لم يرد، لا لوجود نفيه، وقد تقدم مثله عن الأئمة مع عدم وجود الرؤية، فقد نفوا السماع لكونه لم يرد، وأثبتوه لوروده.

الوجه الثاني: نرى الأئمة - وقد تقدم هذا في المبحث الأول من هذا الفصل - حين يسألون عن سماع راوٍ من آخر يقيمون الدليل على أنه لم يسمع منه، فيذكرون مثلاً أنه يدخل بينه وبينه رجلاً، أو أكثر، أو يقولون: إن هذا كان في بلد، والمروي عنه في بلد آخر، أو يذكرون أنه يقول في بعض رواياته عنه: نبئت، أو بلغني عنه، وحينئذٍ فلو كانوا يتطلبون ثبوت السماع للحكم بالاتصال لاكتفوا بالقول: إنه لم يثبت السماع، ولا حاجة لإقامة دليل آخر على ذلك.

والجواب عن هذا سهل جداً، ذلك أنهم يفعلون هذا لسببين:


(١). "جامع التحصيل " ص ٢٩٥.
(٢). "العلل ومعرفة الرجال " ٢: ٤٥٩، وانظر: "سؤالات الآجري لأبي داود " ١: ١٧٥.

<<  <   >  >>