للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الأول: ما يفيد تفتيشهم عن السماع مع غير المدلس، حتى مع ثبوت سماعه ممن روى عنه، وهذا ينقض قول من يقول إنهم كانوا لا يفتشون عن السماع إلا مع المدلس.

فمن هذه النصوص توقيفهم لشيوخهم على السماع، فقد تقدم في المبحث الأول من الفصل الأول رأي شعبة في قبول الإسناد المعنعن بصفة عامة، وانزعاجه من كثرة الإرسال عند الرواة، وهو وإن كان قد حكي عنه رجوعه عن عدم قبول الإسناد المعنعن إلا أنه كان كثير التفتيش عن السماع مع المدلسين وغيرهم، حتى من عرف بسماعه من شيخه، فإنه كان يوقفه في كل حديث، فقد ورد عنه قوله: "كل شيء حدثتكم به عن رجل فهو حدثني به، قال: سمعت، أو حدثني، إلا ما بينته لكم"، قال ابن المديني تعليقاً على هذا النص: "وإنما تعلم شعبة هذا التوقيف من أبي مريم عبدالغفار بن القاسم" (١).

وقال يحيى بن سعيد القطان: "كل شيء يحدث به شعبة عن رجل فلا


(١). "معرفة الرجال" ٢: ٢١٠، وانظر أيضاً: "العلل ومعرفة الرجال" ١: ١٥١ - ١٥٢، ٢: ١٦٢، و"علل المروذي" ص ٩٢، و"الجرح والتعديل" ١: ١٧٣.
وعبدالغفار بن القاسم هذا كان له عناية بالعلم وبالرجال، وقد سمع منه شعبة، ثم تركه، فقد كان شيعياً غالياً، روى أحاديث بواطيل في عثمان - رضي الله عنه -، تركه الجمهور، ورماه بعضهم بوضع الحديث، وممن رماه بذلك ابن المديني، وهو الذي قال فيه ما في النص أعلاه، انظر: "الجرح والتعديل" ٦: ٥٣، و"الميزان" ٢: ٦٤٠، و"اللسان" ٤: ٤٢.
وممن تعلم منه شعبة التفتيش عن سماع الرواة ممن رووا عنه والدته، فروى ابن معين في "معرفة الرجال" ٢: ١٥٧، عن عفان، عن شعبة قال: "قالت أمي لهشام بن حسان: عمن يحدث ابن سيرين؟ قال: فقال: عن أبي هريرة، وابن عمر، قال: فقالت: وسمع منهما؟ ".

<<  <   >  >>