للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أدق التدليس وأخفاه تدليس جملة أو كلمة في أثناء الإسناد أو المتن، كما قال أحمد في هشيم: "كان يدلس تدليساً وحشاً، وربما جاء بالحرف الذي لم يسمعه، فيذكره، في حديث آخر، إذا انقطع الكلام يوصله" (١).

فربما وقف الباحث على تصريح للمدلس بالتحديث في أصل الحديث، ولم يتنبه لموضع التدليس، وقد تقدم في المبحث الثالث أمثلة على التدليس الجزئي.

ولا شك أن تمييز ما تقدم يعسر على الباحث، لكن يمكنه أن يستفيد منه حين يعارضه نفي السماع، أو حين تدل القرائن على عدم السماع.

وقد يكون في الرواية ما يثير ريبة الناظر فيها، كما إذا وقف الباحث على رواية لمدلس صرح فيها بالتحديث في أول شيخ له، ثم عطف عليه غيره، فإن هذا يحدث ريبة في النفس أن يكون دلَّس فيه، إذا كان المدلس عرف عنه ارتكاب هذا النوع من التدليس.

مثال ذلك ما رواه أحمد قال: "حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، وإسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، والمغيرة، عن إبراهيم ـ أنهم قالوا في دية الخطأ: أخماساً، ما دون النفس " (٢).

الثاني: أخطاء المدلسين أنفسهم، فيخطئ المدلس ويصرح بالتحديث، ظناً منه أنه مما سمعه، ولا يكون الواقع كذلك.

مثال ذلك ما روى أبو بكر بن خلاد، قال: "سمعت يحيى (يعني القطان)


(١). "علل المروذي" ص ٥١.
(٢) "العلل ومعرفة الرجال" ٢: ٢٦٦.

<<  <   >  >>