للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قول ابن حجر: إن كلام الخطيب يقتضيه ـ يعني يقتضي ما رجحه ـ فليس الأمر كذلك، فإن للخطيب كلاماً آخر لم يذكره ابن حجر يجلي رأيه بوضوح، قال: "والمدلَّس: رواية المحدث عمن عاصره ولم يلقه، فيتوهم أنه سمع منه، أو روايته عمن قد لقيه ما لم يسمعه منه، هذا هو التدليس في الإسناد" (١).

وقد عقد الخطيب فصلاً في أخبار المدلسين ذكر فيه من دلس عمن لم يسمع منه، وعمن سمع منه، ثم كلامه عن التدليس يدل على إدخال هذه الصورة ـ وهي رواية المعاصر عمن لم يسمع منه ـ فيه (٢).

وابن حجر معترف بأن من الأئمة من يسمي هذا تدليساً، ولكنه اختار أن يخرجه من التدليس، ويسميه باسم خاص به، وهو الإرسال الخفي، تمييزاً للأنواع، كما قال (٣)، مع أنه هو ربما سماه تدليساً (٤).

وغرضي من بحث هذه المسألة هنا عدد من الأمور:

الأمر الأول: رأي ابن حجر ـ باعتبار تأخر عصره وتحريره لمصطلحات أهل الحديث على طريقة التعاريف ـ هو المشهور في كتب المصطلح المتأخرة بعده


(١) "الكفاية" ص ٢٢.
(٢) "الكفاية" ص ٣٥٥ - ٣٦٤.
(٣) "تعريف أهل التقديس" ص ٢٥.
(٤). "إتحاف المهرة" ١٤: ١٨١.

<<  <   >  >>