للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان الأمر كذلك فالأصل أن نبقى على هذا حتى يقوم دليل قوي على خلافه، وما ذكره الباحثون من أدلة لا ينهض لذلك، ولولا خشية الإطالة لذكرتها بمناقشاتها، وأخاف أن يكون جزم هؤلاء الباحثين بما توصلوا إليه سببه ما رأوه من إسراف في رد الأحاديث وتضعيفها بالتدليس، فصاروا يتمسكون بأدنى شبهة لدفع ذلك.

وقد رأيت بعضهم يستدل على التفصيل المذكور بأدلة لا يليق الاستدلال بها لولا أن الباحث مندفع لما يريد ترجيحه، فقد ذكر أحدهم أن من الأدلة على عدم تفتيشهم عن سماع قتادة من شيوخه الذين ثبت سماعه منهم قول شعبة: "كنت أعرف حديث قتادة ما سمع مما لم يسمع، فإذا جاء ما سمع قال: حدثنا أنس، وحدثنا الحسن، وحدثنا سعيد (يعني ابن المسيب)، وحدثنا مطرف، وإذا جاء ما لم يسمع كان يقول: قال سعيد بن جبير، وقال أبوقلابة"، وفي رواية ذكر سليمان بن يسار مع الأخيرين (١).

فالأربعة الأولون قد سمع منهم قتادة، والآخرون لم يسمع منهم، فدلّ ذلك على أن شعبة إنما يتفقد السماع لقتادة ممن لم يسمع منه.

كذا يقرر الباحث، وهو كلام ينقض بعضه بعضاً، ذلك أن قتادة إذا كان قد سمع من الأولين فعنعنته عنهم مقبولة مطلقاً كما يذهب إليه الباحث، ولم


(١) "طبقات ابن سعد" ٧: ٢٢٩، و"تاريخ أبي زرعة الدمشقي" ١: ٤٥٦، و"الجعديات"
١: ٣١١، و"الكفاية" ص ٣٦٣، و"التمهيد" ١: ٣٥.

<<  <   >  >>