بل في الحديث الثاني دليل قوي على أنه يرى هذا الإسناد منقطعاً، فإنه أخرجه معلقاً، فالاحتمال القوي أن يكون فعل ذلك لهذا السبب، نعم يحتمل أن يكون فعل ذلك للاختلاف في إسناده، لكن الاحتمال الأول باق.
وعلى هذا فالنظر في سبب إخراج البخاري للحديث الذي رواه مسنداً، ولم يعلقه، وهو الحديث الأول، مع كونه يراه منقطعاً.
٤ - رواية قيس بن أبي حازم:" أن بلالاً قال لأبي بكر: إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله".
ذكره بعض الباحثين هكذا: حديث قيس بن أبي حازم، عن بلال بن رباح رضي الله عنه أنه قال لأبي بكر، ثم ذكر قول ابن المديني:" روى عن بلال، ولم يلقه (١) "، ثم استدل بهذا على أن البخاري يكتفي بالمعاصرة، حيث أخرج لقيس رواية عن بلال، وهو قد عاصره، ولم يرد له سماع منه.
وهذا الصنيع مثال لما ذكرته في الفصل الأول، من أن كثيراً من الباحثين لا يفرقون بين صيغة: عن فلان أنه قال لفلان كذا، فهذه رواية عنه، وبين صيغة: أن فلاناً قال لفلان كذا، فهذه حكاية للقصة، وليست رواية عنه، فقيس بن أبي حازم لا يروي عن بلال حكايته لموقف جرى بينه وبين أبي بكر، وإنما قيس يحكي هذا الموقف بنفسه، فينظر في إدراكه لهذا الموقف وحضوره من عدمه، وإدراكه لهذا الموقف يعرف بإدراكه لأصحابه ولقيه لهم، وابن المديني ينفي أن يكون لقي بلالاً، وحجته ظاهرة، فإن بلالاً خرج من المدينة إلى الشام بعيد