للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغير خاف - بعد ما تقدم - أهمية التحقق من صواب تصريح المدلس بالتحديث، وأن ما يفعله كثير من المتكلمين على الأسانيد من التعلق بأدنى شبهة طريقة غير سليمة، وفي نظري أن تشدد المتأخرين في الرد بعنعنة المدلس قابله تسامح كبير منهم في إزالة شبهة التدليس بما يقفون عليه من التصريح بالتحديث دون دراسة له وتمعن فيه.

والذي يوصى به الباحث أن يسلك منهج أئمة النقد في المقارنة، وإنعام النظر، وتوقع أخطاء الرواة والنساخ، ويتأكد هذا الأمر إذا كان الراوي عن المدلس ممن نسب إليه الخطأ في هذا الجانب، أي إنه يخطئ على شيخه فيجعل روايته بالتصريح بالتحديث، كما تقدم في حال أصحاب بقية بن الوليد، ويوجد ذلك في غيره أيضاً.

فممن نسب إليه الخطأ على شيخه: عبد الواحد بن زياد مع الأعمش، قال أبو داود الطيالسي: "عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها، يقول: حدثنا الأعمش، قال: حدثنا مجاهد - في كذا وكذا - " (١).

ومحمد بن كثير العبدي مع سفيان الثوري، قال ابن معين: "كان في حديثه ألفاظ، حدثنا أبو إسحاق - كأنه ضعفه -" (٢).

وكذلك إذا كان رواة الإسناد من الأمصار التي نص العلماء على تساهلهم بألفاظ الأداء، فيبدلون بالصيغ غير الصريحة صيغاً صريحة، كما تقدم في كلام أبي


(١). "الضعفاء الكبير" ٣: ٥٥.
(٢). "سؤالات ابن الجنيد لابن معين" ص ٣٥٧.

<<  <   >  >>