من الأدلة التي يستند إليها من يرجح رأي مسلم في مسألة رواية الثقة عن شخص أمكن لقاؤه له ولم يثبت دليل خطابي خارج عن أصل القضية، فهو يقول: إن الأخذ بقول الجمهور يؤدي إلى رد أحاديث كثيرة، وهذا معناه تعطيل جملة من السنة النبوية.
فهذا دليل خطابي لا يقدم ولا يؤخر في المسألة، فلو افترضنا أن ما ذكره صحيح فما المانع من التزامه؟ فقد ردت أحاديث كثيرة جداً بأسباب أخرى، ولو فتح هذا الباب لأدى ذلك إلى إلغائها أيضاً، ولذهبت جهود أئمة الحديث سدى.
ثم إن القول بأن الأخذ برأي الجمهور معناه تعطيل جملة من السنة النبوية غير صحيح، كما قال ابن رجب:"فإن قال قائل: هذا يلزم منه طرح أكثر الأحاديث، وترك الاحتجاج بها، قيل: من ههنا عظم على مسلم ـ رحمه الله ـ، والصواب أن ما لم يرد فيه السماع من الأسانيد لا يحكم باتصاله، ويحتج به مع إمكان اللقي، كما يحتج بمرسل أكابر التابعين، كما نص عليه الإمام أحمد"(١).
وهذا الذي قاله من الأهمية بمكان، وليس خاصاً بمسألة الانقطاع، فهو جارٍ أيضاً في جرح الرواة وتعديلهم كما تقدم شرحه، فما ضعف بسبب اختلال شرط من شروط الصحة ليس معناه طرحه بالكلية، وعليه فليس الحكم على