وتبرز الاستفادة من معرفة درجات الاتصال عند التعارض، والحاجة إلى الموازنة والترجيح، وقد يحتاج إليها وإن لم يكن هناك تعارض، مثل كون الحديث فرداً في حكم مهم تعم به البلوى، ونقل المكلف عن البراءة الأصلية فيه يحتاج إلى دليل قوي.
وأما درجات الانقطاع فيمكن وضع درجات له كما سبق في الاتصال، أي باعتبار قوة القول بالانقطاع وضعفه، فرواية راوٍ عن شخص لم يدركه، ليست في الانقطاع كرواية راوٍ عن شخص قد أدركه، ورواية راوٍ عن شخص أدركه ولكن لا يمكن سماعه منه، ليست كرواية راوٍ عن شخص أدركه وأمكن سماعه منه، لكن لم يثبت سماعه، فإن بعض الأئمة - كما تقدم في الفصل الثاني- يحكم لمثل هذه الحالة بشروط معينة بالاتصال.
ويدخل في ذلك وجود الاختلاف بين الأئمة في الحالة المعينة وعدمه، فرواية راوٍ عن شخص قد اتفق على أنه لم يدركه ليست كرواية راوٍ عن شخص قيل إنه أدركه، ورواية راوٍ عن شخص قد اتفق على أنه أدركه ولم يسمع منه ليست كرواية راوٍ عن شخص أثبت أئمة له سماعاً منه، وإن ترجح عدمه.
كما يمكن وضع درجات للانقطاع باعتبار مرتبة الساقط من الإسناد، إذ من المتقرر أن شرط اتصال الإسناد يرجع في نهاية الأمر إلى الشرطين الأولين، وهما عدالة الرواة وضبطهم، فإذا أمكن معرفة درجة الساقط تحديداً أو تقريباً فالحكم على الإسناد حينئذٍ يكون بحسب درجة هذا الساقط.
ويتهيأ في أحيان كثيرة معرفة الساقط من الإسناد في الحديث المعين على وجه التحديد، إما بوروده في رواية أخرى، أو بنص إمام من أئمة هذا الشأن،