للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبصرف النظر ـ أيضاً ـ عن البحث في رواية المدلس إذا صرح بالتحديث، فإن القول بالرد راجع إلى العدالة، وليس إلى اتصال الإسناد وانقطاعه، ثم لا قائل بذلك من أهل الحديث كما تقدم تقريره في المبحث السابق.

ومع صعوبة هذه المسألة - أعني حكم رواية المدلس إذا لم يصرح بالتحديث من حيث الاتصال وعدمه - فإن الناظر في كلام الأئمة وفي أحكامهم يمكنه أن يصل إلى رأي في هذه القضية الشائكة، وقبل أن أذكر ما توصلت إليه لابد من عرض ما يحكى فيها من أقوال ومناقشتها، وجملتها ترجع إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن رواية المدلس بهذه الصفة إذا كان ثقة محمولة على الاتصال، ولا يحكم على رواية المدلس بالانقطاع إلا إذا تبين أنه دلس في تلك الرواية بعينها.

وهذا القول حكاه ابن القطان هكذا بإطلاق عن قوم لم يسم أحداً منهم، وخصصه مرة حين حكاه عنهم بمن عرف عنه أنه لا يدلس إلا عن ثقة عنده (١).

وينسب هذا القول إلى يحيى بن معين، فقد قال يعقوب بن شيبة: "سألت يحيى بن معين عن التدليس، فكرهه وعابه، قلت له: فيكون المدلس حجة فيما روى، أو حتى يقول: حدثنا، أو أخبرنا؟ فقال: لا يكون حجة فيما دَلَّس فيه" (٢).


(١) "بيان الوهم والإيهام" ٢: ٤٣٥، ٥: ٤٩٣.
(٢) "الكفاية" ص ٣٦٢، و"التمهيد" ١: ١٨.

<<  <   >  >>