للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا يحتمل أن يكون مراده ما تبين أنه دلس فيه، فيوافق هذا القول، وبناء على هذا الاحتمال نسب بعض الباحثين هذا القول إلى ابن معين، ويحتمل أن يكون مراده ما لم يصرح فيه بالتحديث، فإن عدوله عن التصريح يوجب ريبة أن يكون دلس فيه، والاحتمال الأخير هو الذي فهمه ابن رجب، والسخاوي من جواب ابن معين (١).

ويظهر لي أن الاحتمال الثاني هو الأقرب، فقد قال أحمد حين سئل عن هشيم: "ثقة إذا لم يدلس" (٢) - ومراده إذا لم يصرح بالتحديث، يدل عليه قوله في حديث لهشيم: "لم يقل فيه: أخبرنا، فلا أدري سمعه أم لا" (٣).

ومثل ذلك يقال في عبارة يعقوب بن سفيان: "وحديث سفيان، وأبي إسحاق، والأعمش - ما لم يعلم أنه مدلس - يقوم مقام الحجة " (٤).

فالعلم بكونه قد دلس يحتمل أن يكون بأمر خارجي، ويحتمل أيضاً - وهذا هو الأقرب - أن يكون قد عرف من صيغة الرواية.

والذي دعاني إلى تفسير عبارة ابن معين، وعبارة الفسوي بما ذكرته أن هذا التفسير هو الموافق لأقوال أئمة النقد وتصرفاتهم مع المدلسين - كما سيأتي في القول الثالث -.

وأيضاً فإن العلم بكون هذا الحديث المعين وقع فيه تدليس يستوي في


(١) "شرح علل الترمذي" ٢: ٥٨٢، و"فتح المغيث" ١: ٢١٦.
(٢). "طبقات الحنابلة" ١: ٣٤٨.
(٣). " مسائل أبي داود " ص ٤٤٨.
(٤). " المعرفة والتاريخ " ٢: ٦٣٧.

<<  <   >  >>