وفيه تساهل كبير، وإهدار لجهود الأئمة في التفتيش عن التدليس، وإعمال القرائن لكشفه.
والأمر يهون حين يتبنى شخص هذا الرأي، كما فعل ابن حزم، وأحمد شاكر، لكنه ليس كذلك حين يحرره الباحث على أنه قول الأئمة المتقدمين، وعليه ساروا في نظرهم لمرويات المدلسين، وقد رأيت بعض الباحثين يلهج بذلك، وإن كان يعبر بالعلم بدل اليقين، وعندي أن ما نسبه إلى أئمة النقد كان منه ردة فعل للإسراف في نقد المرويات بالتدليس من قبل باحثين آخرين، كتطبيق حرفي للقول الثاني الآتي.
وأما ابن القطان فقد عبر بالتبين بدل اليقين، وهو يمكن أن يشمل ما تقدم في المبحث الثالث من النص على الانقطاع، ويشمل أيضاً ما سيأتي من قرائن ترجح الانقطاع، وإذا كان كذلك فهذا القول قريب جداً.
القول الثاني: رواية المدلس بصيغة محتملة محمولة على الانقطاع أبداً، ولا يحكم لروايته بالاتصال إلا إذا روى بصيغة صريحة فيه، كحدثنا، وسمعت، وأخبرنا، يستوي في ذلك المكثر من التدليس والمقل منه، حتى لو دلَّس مرة واحدة أخذ هذا الحكم.
وهذا قول الشافعي، مشهور عنه، قال الشافعي: "وأقبل الحديث: حدثني فلان عن فلان ـ إذا لم يكن مُدَلِّساً، ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بالكذب فنرد بها حديثه، ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلناه من أهل النصيحة في الصدق، فقلنا: لا نقبل من