بالتحديث، أو لم يصرح فيه بالتحديث ولكن لم نتيقن أنه دلسه ـ فحكمه الاتصال.
وقضية اليقين هذه لا أدري كيف تضبط؟ إذ يحتمل أن تشمل ما تقدم من الدلائل على ثبوت الانقطاع التي مضى ذكرها في المبحث الثالث، ويحتمل أن بعضها هو الذي يفيد ذلك، وهو ما إذا ورد عن المدلس ما يفيد أنه لم يسمع هذا الحديث من شيخه، وأما ما دون ذلك ـ مثل حكم إمام بأن فلاناً لم يسمع الحديث من فلان، فلا تفيد ذلك.
والاحتمال الثاني هو الأقرب، فإن حكم الإمام إذا لم يكن من تلامذة المدلس ـ بناه في الغالب على قرائن الأحوال، وليس على نص من المدلس، بل إني رأيت أحمد شاكر ـ وهو ممن يقول بقول ابن حزم ـ يذهب إلى عدم قبول قول تلميذ المدلس بأنه لم يسمعه، مع أن الظن الغالب أن يكون قد تلقى ذلك منه، فقد تعقب أحمد شاكر تضعيف الترمذي لحديث من رواية الحكم بن عتيبة، عن مقسم، بأن شعبة قد عَدَّ الأحاديث التي سمعها الحكم من مقسم وليس هذا منها، تعقبه بقوله:"وليس في هذا دلالة على ضعف روايته عن مقسم، فالحكم ثقة ثبت فقيه عالم، وكان معاصراً لمقسم، فيحمل ما يرويه عنه على الاتصال، ما لم يثبت بيقين أن حديثاً معيناً لم يسمعه منه"(١).
والناظر المتأمل في أقوال أئمة النقد وصنيعهم ـ وسيأتي شيء من ذلك لاحقاً ـ لا يتخالجه شك في أن هذا القول على إطلاقه بعيد جداً عن منهجهم،
(١) "سنن الترمذي" حديث (٥٢٧)، وتعليق أحمد شاكر عليه.