فوقه في الجملة، ثم سماعه لهذا الحديث بعينه منه، وكل هذا يسير فيه الباحث وفق قواعد وأصول منقولة عن أئمة النقد، أو مأخوذة من عملهم وتطبيقهم، فالأمر المتقرر في كل قضية من قضايا النقد هو النظر في عمل أئمة النقد وقواعدهم، ومتابعتهم في ذلك.
والمتأمل في عمل المشتغلين بنقد السنة في الوقت الحاضر يرى خللاً في التحقق من شرط الاتصال والانقطاع في دراستهم للأسانيد، إما لأن القاعدة لم تتحرر عند الباحث كما ينبغي، أو لأنه ذهب إلى خلافها، أو أُتي من قِبل طرده لبعض القواعد في وقت معارضة قواعد أخرى لها، وأهم مما سبق كله التقصير وعدم الاستقصاء في البحث.
والباحث يسير في عمله في التحقق من شرط الاتصال في ثلاث خطوات بارزة: الأولى: نظره في صفة الرواية للراوي عمن فوقه في الإسناد، وهل قصد الرواية عنه أو لا؟ الثانية: إذا كان قصد الرواية عنه فهل لقيه وسمع منه؟ الثالثة: إن كان قد لقيه وسمع منه فهل سمع منه هذا الحديث موضع الدراسة؟
وسأتناول هذه الخطوات الثلاث في ثلاثة فصول، أردفها بفصل رابع، أتناول فيه قضايا متفرقة تتعلق بالاتصال والانقطاع، وهي: درجات اتصال الإسناد وانقطاعه، ومصطلحات يتداولها الأئمة في كلامهم عن الاتصال والانقطاع، وحكم الباحث على الإسناد بعد فراغه من دراسة اتصاله وانقطاعه.