للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمراد أحمد - فيما يظهر - أنه ثقة إذا صرح بالتحديث، وبه يعرف أنه لم يدلس.

وقد ذكر مسلم في معرض مناقشته لقول من يشترط ثبوت التصريح بالتحديث لإثبات السماع بين راوٍ وآخر معاصر له ـ ما يمكن اعتباره نقلاً لقول ابن المديني عن الأئمة كلهم، والشاهد من العبارة هنا تحرير الوصف الذي يأخذ به المدلس حكماً يخالف به غيره، قال مسلم: "وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم ـ إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به، فحينئذٍ يبحثون عن سماعه في روايته، ويتفقدون ذلك منه، كي تنزاح عنهم علة التدليس" (١).

وقد ذكر ابن رجب احتمالين لمعنى كلمة مسلم هذه "عرف بالتدليس في الحديث وشهر به"، أحدهما ما ذكرته، والثاني: أن يكون مراده: ثبت عليه التدليس وصح عنه ـ يعني ولو مرة واحدة ـ، فيوافق كلام الشافعي (٢).

والاحتمال الأول هو الأظهر، فإنما يعرف بالتدليس ويشتهر به إذا أكثر منه.

وفي السؤال الموجه لأحمد الماضي ذكره في أول هذا المبحث عن حكم رواية المدلس ما يفهم منه بوضوح أن المحك هو فيمن عرف بالتدليس، لا من وقع منه على سبيل الندرة.


(١) "صحيح مسلم" ١: ٣٣.
(٢) "شرح علل الترمذي" ٢: ٥٨٣.

<<  <   >  >>