ومع هذا كله تصدى أحد الباحثين لهذه القضية، وخالف النقاد في ذلك، فذهب إلى أن الحسن سمع من الأسود بن سريع، وأطال - بما لا طائل تحته - في إثبات إدراكه له بالبصرة، وفي تصحيح ما ورد من التصريح بالتحديث عنه، مما لم يلتفت له النقاد.
وفي ختام هذا المبحث أود أن أشير إلى أن ما ذكرته من أن منهج الأئمة في طريقة إثبات السماع أو نفيه قد نسبه إليهم أئمة كبار، ممن يحررون منهجهم وطريقتهم في عموم مسائل النقد، ورأيت - بالتتبع - أن هذه النسبة صحيحة لا إشكال فيها، غير أن بعض الأئمة قد نسب إليهم أنهم لا يشترطون العلم بالسماع لإثباته، ولما كانت هذه النسبة تحتاج إلى شيء من البسط رأيت أن أجعل هذا المبحث خالياً عن ذلك، متضمناً - فقط - إيضاح منهجهم وطريقة عملهم، فهو الذي يحتاجه الباحث، وأما الاستدلال لذلك من كلامهم وتطبيقاتهم، ومناقشة ما نسب إلى أئمة النقد بخلاف ما ذكرته فسأتعرض له في المبحث التالي، لينظر فيه من أراده، والله أعلم.