للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول لم يسبق إليه، و"أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديماً وحديثاً: أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثاً، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه، لكونهما جميعاً كانا في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا، ولا تشافها بكلام - فالرواية ثابتة، والحجة لازمة، إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئاً، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبداً، حتى تكون الدلالة التي بيّنا" (١).

وقال أيضاً: "وما علمنا أحداً من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار، ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها، مثل أيوب السختياني، وابن عون، ومالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطان، وعبدالرحمن بن مهدي، ومن بعدهم من أهل الحديث - فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد، كما ادعاه الذي وصفنا قوله من قبل، وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم: إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به، فحينئذٍ يبحثون عن سماعه في روايته، ويتفقدون ذلك منه، كي تنزاح عنهم علة التدليس، فمن ابتغى ذلك من غير مدلس - على الوجه الذي زعم من حكينا قوله - فما سمعنا ذلك عن أحد ممن سمينا ولم نسم من الأئمة" (٢).

وحينئذٍ فحجة مسلم التي اتكأ عليها هي أن القائل بعدم الاتصال قد اخترع قولاً جديداً لم يسبق إليه، وأنه زاد شرطاً في شروط الحديث الصحيح لم


(١). "صحيح مسلم" ١: ٢٩.
(٢). "صحيح مسلم" ١: ٣٢.

<<  <   >  >>