للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلابد أن يكون عنده دليل يرفع هذه القرينة، وهو ثبوت السماع، لأنه يقول: من أين سمع محمد بن يزيد من عثمان بن أبي العاتكة؟ فهذه صيغة سؤاله، ولو كان كما يريد الباحث لقال: هل سمع محمد بن يزيد من عثمان بن أبي العاتكة؟ فالسؤال إذاً عن سماع معروف ثابت.

وأيضاً محمد بن يزيد في طبقة متأخرة، شيخ لأحمد، فمن المستبعد جداً أن لا يكون أحمد يعرف أنه سمع من عثمان، وليس يروي عنه فقط، هذا أمر ظاهر، فالحوار كله إذاً عن سماع ثابت معروف.

ومن ذلك أيضاً ما تقدم عن أحمد في ترجيح سماع عمرو بن دينار، من سليمان اليشكري، فقد أوهم أحد الباحثين وهو يستدل به أن الاعتماد على مجرد المعاصرة، وليس كذلك، فإن أحمد إنما اعتمد على كون الراوي عن عمرو هو شعبة، ولهذا ذكره في الجواب، والأئمة يستدلون بهذا على أن شعبة قد علم السماع، كما تقدم آنفاً في كلام أبي حاتم على سماع أبي مالك الغفاري من عمار.

ويؤكد هذا أن أبا بشر جعفر بن إياس قد روى عن سليمان بن قيس، وهو معاصر له، بل قيل إنه في كُتَّاب سليمان بن قيس (١)، ومع هذا فلم يثبت أحمد سماعه منه، قال أبو داود: " سمعت أحمد يقول: بعضهم يقول: سليمان - يعني اليشكري - لم يسمع منه أحد، قال: روى عنه أبو بشر، فلا أدري أسمع منه أم لا؟ ، وروى عنه عمرو بن دينار حديثاً، فإن كان سمع أحد - يعني من سليمان - فهو، قال أحمد: قتل سليمان في فتنة ابن الزبير " (٢).


(١). " العلل ومعرفة الرجال " ٣: ٤٣٦.
(٢). " مسائل أبي داود " ص ٤٥١.

<<  <   >  >>